ياغي ينصح الطالبات بإيجابية التأثُّر مهما كانت المؤثرات حولهن

لم يُخفِ المدير العام لصندوق الحسين للإبداع والتفوق، الدكتور علي ياغي، حيرته عند اختياره لتقديم جلسة ضمن حملة قادة الأعمال التي تنفذها مؤسّسة إنجاز للسنة العاشرة على التوالي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والقطاع الخاص الأردني وبشراكة إعلامية مع جريدة الرأي. فقد كان محور تفكيره دائما عند التحضير للقاء هو كيف يمكن أن يكون تأثيره إيجابيا على الطلبة.
عاماً بعد عام يشترك في الحملة، ويؤكد على الطلبة أنه رجل علمي ويفكر بطريقة عقلية، فقد درس تخصص الرياضيات والكمبيوتر، متحدثا عن المؤثر والمتأثر في حياة الناس، فالشمعة نطفئها بالهواء وفي الوقت نفسه  نشعل النار بالهواء، والبيضة تصبح قاسية بعد الغلي، بينما تصبح البطاطا طرية بعد الغلي، فالمؤثر واحد، بينما يختلف استقبال المتأثر.  والرياح التي تسبب العواصف والكوارث هي نفسها التي يمكن أن نطوعها لمصلحة الإنسان في توليد الكهرباء وفي السفن الشراعية.
هذه المرة التقى ياغي بطالبات مدرسة الزهراء الشاملة الثانوية للبنات في عمان، ونصحهن بأهمية التشبث بالقوة، والإيمان بالله، والثقة بالنفس عند المرور بأي مشكلة، وأهمية إيجابية التأثر بكل ما يدور حولهن  وتطويع الظاهرة، ، فالقائد لم يولد قائداً، بل طموحه من يصنعه، فهو شخص طموح ظهر من المجتمع.
ياغي الأب لثلاثة أولاد وابنتين، خرج من بيئة أقل من عادية، حيث ولد في مخيم عقبة جبر الذي يعتبر أكبر مخيم للاجئين في الضفة الغربية، ودرس الابتدائية في المخيم حتى  حرب 1967 حيث جاء إلى الأردن عن طريق جسر الملك حسين، ليسكن في القويسمة ويدرس في مدرسة الوحدات، ويكمل الدراسة الثانوية في كلية الحسين. ويذكر ياغي أنه كثيرا ما كان يضطر للذهاب إلى المدرسة في جبل الحسين سيرا على الأقدام.
"عند الانتهاء من المرحلة الثانوية عشت حيرة التخصص الذي سأدرسه، لكن الفكرة الأهم في هذا الموضوع دائماً، أن تدرس ما تحب وتشعر أنك تبدع فيه. ورغم عشقي للأدب العربي والثقافة العربية، درست تخصص الرياضيات وحاولت إشباع رغباتي بشكل فردي  في مجال الأدب والثقافة".
 
في تلك الفترة كانت الجامعة الأردنية تقبل الطلاب المتميزين وبأعداد محدودة، درس فيها وتميز، رغم صعوبة الظروف الاجتماعية والمالية مؤكداً أهمية أن يتأقلم الإنسان مع ظروفه الاجتماعية وأن لا يصاب باليأس وأن يبحث دائما عن طرق بديلة في حال اصطدم بأي عائق.
مرة أخرى أكد للطالبات أهمية التكيف والمرونة، والعزيمة والإصرار لتحقيق الهدف، وأهمية العلم والتعلم والفكر السليم، فالفكر والتعلم هو الرصيد الذي لا يمكن اغتصابه، وهو ما جعله يحصل على شهاد البكالوريوس في الرياضيات من الجامعة الأردنية، وماجستير في الرياضيات وعلوم الحاسوب من جامعة ليدز البريطانية، والدكتوراة في علوم الحاسوب من جامعة ووريك البريطانية. ويعمل بعدها في جامعة ووريك وفي جامعة مانشستر قبل أن يقرر العودة إلى وطنه العربي.
قبل الماجستير والدكتوراة، توجه للعمل في أبو ظبي مدرساً للرياضيات مدة عامين، لكنه لم يوقف طموحه عند ذلك رغم مغريات العمل في ذلك الوقت حيث توجه لإكمال دراسته العليا في بريطانيا، ومنها عاد إلى الكويت، وبعد حرب الخليج الثانية عاد إلى عمان متقلداً عدة مناصب أكاديمية  وإدارية في جامعات حكومية وخاصة.
عام 2001 أصبح مستشارا في برنامج الامم المتحدة الإنمائي لمشروع ضمان  جودة برامج التعليم العالي في المنطقة العربية، وعضواً في عدة مجالس أردنية وعربية في هذا المجال، ومنذ عام 2005-2009 عمل مديرا مساعدا لللمشروع،  ومستشارا لمنظمة اليونسكو في المنطقة العربية  لعدة مشاريع.
"الأردن دولة سباقة في دعم جودة التعليم العالي، فقد كانت الدولة العربية الأولى التي أطلقت برنامجا لتقييم وضمان جودة البرامج الأكاديمية الجامعية، وكان ذلك عند تأسيس  صندوق الحسين للإبداع والتفوق عام 2000. وقد قام الصندوق منذ تأسيسه وحتى عام 2009 بتقييم أكثر من 80 برنامجا أكاديميا.   وعام 2009 انتقلت إلى العمل في الصندوق،  حيث قمنا بجمع تقارير هذه التقييمات وأصدرنا فيها تقريرا شاملاً. وفي تلك الفترة أسست الحكومة هيئة اعتماد وضمان جودة مؤسسات التعليم العالي".
شرح ياغي، المجالات التي يعمل بها الصندوق وهي كثيرة، منها دعم مشاريع الإبداع للطلاب ورعاية نشاطاتهم، ودعم عدة مشاريع في مجال البيئة والطاقة البديلة، كما يطلق الصندوق جوائز سنوية في مجال البيئة والطاقة البديلة وثقافة الطفل والمجالات الاقتصادية، "السياسة النقدية والسياسة المالية، والقطاع المالي والمصرفي، والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة".
وبين أن الصندوق يشترك مع مؤسّسة إنجاز والبنك المركزي ووزارة التربية والتعليم ومؤسسات أردنية أخرى في العمل على البرنامج الوطني لنشر الثقافة المالية المجتمعية وعلى تنفيذ مشروع برنامج التعليم المالي في المدارس، حيث يقدم الصندوق الدعم على أكثر من صعيد، فنياً ومالياً.